نبحث عن زعيم عربي يخلده التاريخ
الجمعة, 02 مارس, 2018 - 03:14 مساءً

قدر لي أن أشارك في ورشة عمل نظمتها النقابة الوطنية للصحافة المغربية ومنتدى فلسطين الدولي للإعلام  والاتصال والتواصل  في الرباط ، وقد افتتح رئيس وزراء المغرب سعد الدين العثماني  تلك الورشة الفكرية بكلمة جامعة  تحض إلى جانب أمور أخرى  على تناول القضايا التي تشغل بال العالم العربي  وتقديم رؤى عملية لصناع القرار.
 
لم تنته جلسات تلك الندوة الهامة جدا ولم ينقطع رنين كلمات رئيس الوزراء العثماني عن آذان الحاضرين  إلا ونفاجأ بخبر اعتقال  رئيس تحرير جريدة " أخبار اليوم " المغربية  السيد توفيق بوعشرين  وتلصق به تهم  التحرش الجنسي، ذلك الاتهام  غير المنطقي أغضب الأوساط البرلمانية والسياسية والإعلامية.
 
لقد هز حدث اعتقال بو عشرين  الثقة في كل ما سمعنا عن حرية الإعلام  وقدسية الكلمة  في عالمنا العربي والمملكة المغربية على وجه التحديد، لقد كان حدث اعتقال  بو عشرين بؤرة حواراتنا نحن المجتمعين في الرباط من اجل تناول الإعلام وحريته وكيفية تناوله للشأن الفلسطيني . لقد شكل ذلك الحدث قلقا شديدا لدى أهل القلم في المملكة المغربية ، وكانوا يعبرون عن تخوفهم  من أن تمتد يد السلطة في المغرب إلى إرهاب أهل القلم والعاملين به في الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى . كان لا بد، من ماقدمت أعلاه ،لأن ذلك يمس رجلا من رجال الإعلام المهتم بأمته العربية ويحارب بالقلم والكلمة  الفساد بكل أنواعه وكذلك المفسدين .

(1)

كعادة المؤتمرين يتجمعون بعد انتهاء الجلسات المقررة في جدول الأعمال ويتناولون حال الأمة بالشرح والتحليل  بكل حرية ، تناول العدد الذي قدر لي أن نلتقي  معهم على مائدة العشاء  الحصار على قطر من الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي  ، كان أول سؤال وجه إلي ، ماذا فعل الحصار  بأهل قطر وهل من سبيل إلى انتهاء الحصار؟ قلت : الحصار فرض على دولة قطر شعبا وحكومة تحت ذرائع متعددة لم يستطيعوا إثباتها، ووقف العالم إلى جانب قطر برفضهم الحجج والدواعي التي فرضوها علينا  بما في ذلك انتم هنا في المغرب ، والحق أن الكل في الخليج العربي قد تضرر من ذلك الحصار الظالم ، خسائر دولة قطر لا تذكر مقارنة بخسائر أطراف  من فرضوا الحصار ، لكن أقول رب ضارة نافعة ، إذ التفتت دولة قطر إلى الاعتماد على الذات فسارعت إلى إقامة المشاريع التي كانت تعتمد على استيرادها من دول الحصار ، وأبلغت الشركات التي كانت دول الحصار تحتكر الوكالات التجارية  بأن على تلك الشركات التي تريد التعامل مع قطر وأسواقها يجب أن يكون وكلاء تلك الشركات  قطريين ، وخاصة بعد أن فرض على قطر الحصار والذي يعتبر مخالفة لأحكام قانون منظمة التجارة العالمية وكذلك الأمم المتحدة ، وقد استجاب الكثير من الشركات لطلب غرفة التجارة القطرية . الأمر الثاني أن قطر قامت بتوسعة مخازن وموانئ قطر البحرية الأمر الذي جعل الاستيراد إلى قطر مباشرا دون المرور بموانئ دول الحصار وخاصة الإمارات.
 
 والحق أن الذي تضرر كثيرا من الحصار هم إخواننا العرب الذين يعملون في قطر إذ إنهم كانوا في العطلات الصيفية والموسمية يسافرون بأسرهم عن طريق البر ، اما وقد أغلق السعوديون  المنفذ البري فإن من ذكرت قد تعذر عليهم السفر برا  وأصبحوا  يعانون وخاصة الذين لديهم اسر كبيرة لأن تذاكر السفر جوا مكلفة للأسر العربية العاملة في قطر وعلى ذلك يؤثرون عدم السفر والبقاء في قطر، ذلك يعود بالنفع على  السوق القطري لأن هؤلاء الناس سينفقون على أنفسهم في قطر ولم يعد أمر التحويلات المالية إلى الخارج كما كان سابقا .

(2)

سأل سائل أين حكماء الخليج العربي وقادته عن ما يجري على الساحة الخليجية ،يؤسفني القول أن عصر الزعامات التاريخية في العالم العربي قد انتهى ، فلم يعد عبد الناصر  وبو مدين وصدام حسين في الجانب الثوري ، ولا الملك فيصل والحسن الثاني  في الجانب المحافظ  وأخطر ما يواجه امتنا العربية اليوم  هو طغيان الزعامات الصاعدة ، أنها بلا وقار ولا اتزان أو جدارة . إن هذه الزعامات تعيش في داخلها بكل نقائض وضعف التاريخ والبداوة أحيانا وأحيانا أخرى تعيش تحت أوهام وأحلام الزعامة  والسيطرة،  فحال العراق وسورية ومصر بلاد الأنهار يحكمه عصبة ترتكز على الطائفية  والقوة العسكرية  وتعمل من أجل تأصيلها، أي تأصيل الطائفية والعسكرتاريا ،وفي دول الخليج حدث ولا حرج .
 
إننا نحن العرب نحتاج إلى زعماء يخلدهم التاريخ ليعملوا من أجل رقي الأمة وتقدمها ويحرّمون الاستبداد وبعثرة المال العام لتقوية سلطانهم ، وكذلك العمل من اجل استقلال القضاء  وحق المشاركة في صناعة القرار السياسي .
 
 انظروا ماذا يحدث عندكم في المغرب العربي ، جلكم لا يقر ما يجري في المملكة المغربية مرورا بموريتانيا ، والجزائر وتونس وليبيا وانتهاء بمصر المخنوقة بسلطان العسكر الرهيب .

وانظروا  إلى حال الخليج العربي الذي كنا نراهن عليه بأن يساعد في إصلاح ما خربه العسكر ودعاة الطائفية في دمشق وبغداد وبيروت .

 حديث يطول عن ما در بيننا في المغرب  أعد نفسي بأن نتناوله في مناسبة أخرى .

 آخر القول : الأمة العربية تبحث عن زعيم يخلده التاريخ ، ويقيني بأن زمن البحث سيطول ، لكني على يقين بأن الليل المظلم المدلهم  سيعقبه فجر يمسح ظلمة الليل ، وما ذلك على الله بعزيز  .
 
* الشرق القطرية 

التعليقات