الرئيس الأمريكي ترامب وقيادات دول مجلس التعاون الخليجي
الاربعاء, 11 أبريل, 2018 - 04:09 مساءً

يتوافد هذه الأيام قادة دول مجلس التعاون الخليجي على واشنطن، البعض منهم راح ينشد رضا الإدارة الأمريكية بصب مزيد من المال العام لبلاده في ماكينة الاقتصاد الأمريكي؛ بغية الحصول على دعم وتأييد إدارة الرئيس ترامب لتحقيق الأهداف الشخصية المشروعة وغير المشروعة لتلك القيادة العليا المنتظرة، والبعض الآخر راح إلى واشنطن يحرض ويستعدي الإدارة الأمريكية على دولة قطر، مستعينا بثروة مالية ضخمة توزع على كل من له سبيل وقدرة على التأثير على إدارة الرئيس ترامب للنيل من قطر، وراح أمير دولة قطر سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى واشنطن ليؤكد الشراكة الإستراتيجية مع الإدارة الأمريكية، ويضع الكل هناك في الصورة الحقيقية لما يجري في الخليج العربي من مناكفات وأحقاد وضغائن ضد دولة قطر، ويدحض كل ما قيل من سلبيات عن بلاده، وسيذهب رابع وخامس وسادس من القيادات العربية والخليجية إلى واشنطن بهدف الاسترضاء، ولا يعلمون أو يعلمون ويتجاهلون أن رضا الله وشعوبهم عليهم وعلى ما يصنعون أقوى وأعز من رضا أي قوة في الأرض.
 
(2)
 
في ظل هذه الظروف العربية المهينة، يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إرباك العقل العربي وتشتيت جهوده وإشغال قادة دول مجلس التعاون خاصة والعرب عامة بقضايا كثيرة ومتعددة، منها الإرهاب وتمويله وإيران وما تنوي فعله ضد دول الخليج العربية والحال في اليمن والحرب الكيماوية السورية ضد الشعب السوري، كل ذلك بهدف ابتزازهم سياسيا وسلبهم ماليا.
 
اعتقد أن العقل العربي في الخليج فقد توازنه فلم يعد يفرق بعض قياداته بين المصالح القومية - الوطنية والمصالح الذاتية، وآثروا المصالح الذاتية الشخصية على ما عداها، وراح بعضهم يحبك المكايد لطرف خليجي آخر مستعينا بأطراف متنفذة من خارج دائرتنا الحضارية العربية الإسلامية للنيل من بعضهم بعضا مستخدما وفرة المال لشراء الذمم في الغرب عامة وأمريكا خاصة.
 
لو كان بعض قادة الخليج في كامل قواهم العقلية والسياسية والاقتصادية ولو عرفوا كيف يستخدمون الأسلحة الناعمة التي يملكونها وكيف يجيدون اللعب بالأوراق الرابحة التي بين أيديهم لكانت أمريكا مضطرة للتعامل معهم بصورة مختلفة، وأكثر احتراما، لكنهم مع الأسف نزلوا بمستواهم إلى حد أنهم اصبحوا وشاة بعضهم ضد بعض وأصبحت القيادة الأمريكية لا تقيم وزنا لهم، وقد شاهد العالم على شاشة التلفزة كيف أن الرئيس الأمريكي ترامب عامل أحد ضيوفه الخليجيين بعدم احترام. وإذا كان الموقف الأمريكي يدعو للأسف فإن مواقف القيادات العربية تثير الحزن والأسى والألم فليس معقولا ولا مقبولا أن تكتفي هذه القيادات بالصمت في وقت كان يجب أن ترفع صوتها بالرفض لذلك السلوك.
 
(3)
 
الإدارة الأمريكية وجدت في الأزمة الخليجية الراهنة بين أطراف مجلس التعاون فرصة لا تعوض، فهي تتلقى تقارير سياسية وأمنية من قيادات خليجية عليا عن بعضهم البعض وأصبحوا مخبرين لأمريكا مجانا، وذلك يصب في صالح الولايات المتحدة الأمريكية، ذلك دفعها لسلب إرادة تلك الدول وسلب ثرواتها المالية، دولة خليجية واحدة دفعت ما يزيد على تريليون دولار خلال الفترة الواقعة بين أبريل عام 2017 وشهر أبريل العام الحالي 2018 م، وبكل وقاحة يقول الرئيس الأمريكي لضيفه الخليجي "فلوسكم كثيرة، نريد منكم دفع أكثر من هذا إن كنتم تريدون حمايتنا".
 
ليس معقولا ولا مقبولا أن تقف هذه القيادات العربية عاجزة مشلولة الحركة فاقدة الإرادة وهي ترى أمتها مستباحة في أرضها ودينها وعرضها، يعبث بها سادة العالم الجديد وينهش لحمها وثرواتها الطامعون الحاقدون والأشرار بعد أن حولوها إلى جثة هامدة مكشوف سترها.
 
ليس معقولا ولا مقبولا أن تنعزل القيادات العربية والخليجية خاصة عن شعوبها، وراحت هذه القيادات المنعزلة تحرّم على شعوبها التواصل مع بعضهم بعضا كما هو حاصل اليوم بين دول مجلس التعاون، إنه محرم على أهلنا في دول الحصار حتى إبداء التعاطف مع أهل قطر ضد الحصار المفروض علينا، ومن يثبت تعاطفه مع أهل قطر ضد الحصار تفرض عليه غرامات مالية وسجون لمجرد التعاطف وهذه سابقة خطيرة في خليجنا العربي.
 
ليس معقولا ولا مقبولا أن تفشل قيادات مجلس التعاون في حل خلافاتهم البينية بالطرق السلمية والمودة والعودة بالعلاقات إلى ما كانت عليه قبل الخامس من يونيو حزيران 2017 من أجل مواجهة القوى الطامعة في ثروات المنطقة، ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية كما تفعل بهم هذه الأيام.
 
إن الاحتماء بإسرائيل يا قادتنا الميامين والاندفاع نحوها لا يزيدكم قوة ولا مكانة بين الأمم، إنه يزيدكم ضعفا وهوانا ومذلة في الداخل والخارج، ويزيد أطماع الدول الأخرى في ثرواتكم وفرض إرادتها عليكم.
 
 
آخر القول: الإدارة الأمريكية الحالية إدارة تشكلت من صقور حرب لا تريد لخليجنا ولا أمتنا العربية خيرا، ستبتز قادتنا تحت ذريعة حمايتهم وسوف تستنزف احتياطاتنا المالية واستثماراتنا وودائعنا المكدسة في بنوكهم بطرق مختلفة، ونحن نتربص ببعضنا بعضا.. فهل يعود القادة إلى الرشد وتحكيم العقل فيما اختلفوا فيه؟
 
الشرق القطرية

التعليقات