سلطنة عمان.. النموذج العجيب في منطقتنا
الإثنين, 10 ديسمبر, 2018 - 10:20 صباحاً

تتوالى العواصف والرياح على بلاد العرب، وأغرقت الصراعات والدماء دول الجزيرة العربية والشام ومصر ,واجتاحت النزاعات  بلاد العرب تنهش فيها .

 وتوحشت الاطماع ضد دولنا من اعلى البحر الاحمر وحتى اقصى جنوبه بقرب باب المندب والصومال واليمن, ولم تسلم منها بلد بمنطقتنا ،ووصلت تداعياتها ورياحها الساخنة لم يسلم منها بلد عربي ,منها بشكل مباشر واخرى بشكل غير مباشر.
 
ووسط كل هذا الغبار ودخان الصراعات والرياح السوداء ونيران التجاذبات الجيوسياسية والتصادم الدموي للمشاريع  الكبرى الاقليمية والدولية التي دمرت دول منطقتنا, يتألق امامنا النموذج العماني الشقيق شامخا هادئا مستقرا بشكل يدعوا للاعجاب ،نموذج فريد لدولة ناجحة هادئة مستقرة .

دولة تتقن( فن الممكن).. دولة يبدوا استقرارها هذا عجيبا جدا وملفتا ،وسط بحر متلاطم من  الامواج والعواصف, حقا انه لأمر ملفت,,!.
 
اذ كيف استطاعت قيادة هذا البلد اتقان (فن الممكن)..!..كيف استطاعت النأي ببلدها وشعبها طوال عقود متعاقبة, بعيدا عن صراعات وتجاذبات منطقة مشتعلة بالفعل مثل منطقتنا العربية الاستراتيجية الموقع و الثروات,ومهبط الاطماع والتوحش الدولي الاستعماري عبر التاريخ القديم والحديث .

كيف استطاعت اتقان (فن الممكن)  لهذه الدرجة من التفوق  .!؟
 
لم احب يوما أن امتدح اي حاكم عربي عامة, ولااتقن ذلك, لاني اجد في نفسي شعورا عميقا بالالم من كل ماوصلنا اليه بعالمنا العربي من كوارث وتخلف ومجاعات وافقار وتردي معيشي ومجتمعي وعلمي وتنموي,,
وأحمل ذلك كله بكل يقين وقناعة لانظمتنا العربية المتخلفة المستبدة ,
التي نهبت وجردت البلاد, وافقرت العباد.
 
 ولازلت عند مبدأي لا اطيق ثناءا لاي نظام عربي , لكن لان حبنا لعروبتنا ولهفتنا واشتياقنا لرؤية  نماذج ودول عربية ناجحه امنة مستقرة, لاتتدخل بشوون بعضها غدرا وطعنا, نماذج تداوي القلب,و تعوض في نفسي بحرا من القهر والوجع لما الت اليه معظم بلادنا العربية من اوجاع وتردي وقتل وجوع وانهيارات متتالية لاتريد ان تنتهي  .
 
هذا الوجع والقهر المتوالي منذ سنوات طوال,يجعلني متلهفة لرؤية بلد عربي ناجح ومستقر ولو بالحد المتوسط المقبول.
 
واكثر مافي السلطنة هو منجزات متعاقبة ونجاح يفرح . وهو اكثر بكثير مما اعتبره بعض  سلبيات,,بل السلبيات من قلتها وندرتها في هذا البلد فيكاد لايظهر .
 
 ومن باب الامانة والانصاف، لم يسجل يوما عن السلطنة انها دست انفها بشوون بلد اخر او مولت عصابات او اطراف واحزاب داخل اي بلد لتزرع الفتنة داخله,  انها بلد يمتلك شعبه وقيادته من الحكمة والنضج والاحترام لذاتهم وللاخرين مايجعلهم بعيدين عن اي اضرار باحد,فهم يمتلكون قدرة فريدة على ادارة امورهم بنجاح .
 
ومع كل ماذكرت, اجد نفسي اقول بصدق, ومن باب الانصاف ايضا, يحسب  للسلطان قابوس ورجاله ان تصل بلده اليوم لكل هذا الاستقرار والنجاح الباهر ,في النأي ببلده وشعبه عن اي تداعيات رغم قربها ,ومن اي تدخلات بشوون دول منطقته وجواره التي اشتعلت براكين من حوله.

 اشتعلت بلداننا خرابا نتيجة سياسات انظمة الحكم المتخلفة المستبدة التي فتحت الباب واسعا امام تدخلات ووصاية الدول الكبرى المتوحشة الطامعة .
 
  يحسب لهذا الرجل الغير عادي, ان يقود سفينة بلاده بكل هذا الاقتدار وسط بحر متلاطم الامواج تلتهمه العواصف من كل حدب وصوب .
ثم بالنهاية يصل لبر الامان ببلده سالما دون اي خسائر او اصابات او تصدعات.

بل وتنطلق السلطنة كل عام اروع من الذي قبله، بمجالات التنمية والتعليم والامن والمعيشة والرخاء والتقدم والبناء .
 
  كم يفرحني انه لازال هناك بلد عربي بالجوار، يعيش رفاهية وامن وعلاقات اقليمية ودولية ممتازة وناجحة ومستقرة,لايصطدم مع احد, ولم تجبره اقبية السياسة ان يغوص في وحلها ويغرق شعبه بصراعاتها وترسباتها.
 
بات النموذج العماني الهادئ الوقور الشقيق اليوم، نموذج نادر بمنطقة باتت نموذج للفوضى والتدخلات الكثيرة, منطقة تشتعل نارا وتتقاذفها مشاريع كبرى متضاربة متصادمة.
 
إن نموذج سلطنة عمان بشكل عام,هو نموذج  يستحق ان يدرس وتتناوله النخب العربية ببلداننا المضطربة المنهارة.
 
نمتلك نحن العرب بدولنا روح الشجاعة والاقدام والتضحية  والبسالة, لكننا نفتقد وبشكل مؤثر للحكمة والقيادة الحكيمة.. المتأنية ..الفطنة .. البعيدة النظر.. كتلك التي تمتلكها قيادة تركيا وسلطنة عمان الشقيقيتين .
 
تفتقد شعوبنا المنكوبة لقيادة تقود سفينة اوطاننا بتمهل وروية وبراعه وصبر وذكاء,  وسط البحر العاصف الذي ابتلع اكثر شعوبنا ,نتيجة ضعف القيادة وافتقادنا لقادة على قد المرحلة وعلى قد المسوولية الجسيمة المهولة.
لهذا لا عجب ان نرى بلادنا العربية غرقت في بحار من الظلم والدم منذ 7عقود وحتى اليوم, تتخطفنا الطير من شدة ضياع البوصلة والقيادة السليمة المحنكة التي تمتلك رؤية بعيدة النظر طويلة المدى.. نفتقد لهذا بشدة.
 
 اهنئ عمان الشقيقة امتلاكها هذا الرجل الفريد الذي يلعب على كل الاصعدة بدهاء وحذر, اهنئ عمان الشقيقة وصولها لكل هذا الاستقرار والنجاح .
 
تبهرني دوما النماذج النادرة الناجحة في وسط منطقة تعج بالفشل وتعج برائحة الموت والخوف والجوع والارتباك, الذي ينبعث من كل ركن فيها.
 
ادعوا الله ان تتعلم دولنا وشعوبنا  ونخبنا ومثقفينا وسياسيونا كيفية الاستفادة من النماذج المستقرة الناجحة حولنا(السلطنة وتركيا نموذجين رائعين لها).. تعبنا من رائحة الموت  والفشل والتهور, نريد قيادات سياسية ومثقفة حكيمة تتقن انتزاع بعض النجاح من قلب الفشل السقوط.. لا ان تكون كل معاركنا كلها خسائر دون بعض المنجزات التي يبنى عليها بمراحل قادمة.
 
ان لم نتعلم ونتعض من تجارب الاخرين ممن حولنا وجوارنا، بعد كل بحار الدم هذه والتضحيات الجسيمة التي قدمناها, فمتى سنتعض ونتعلم بالله عليكم.. متى !؟

التعليقات