اعرف اين ذهب خمسة من كبار الساسة في أمريكا وأوروبا بعد التقاعد
- ساسة بوست الإثنين, 07 ديسمبر, 2015 - 07:35 مساءً
اعرف اين ذهب خمسة من كبار الساسة في أمريكا وأوروبا بعد التقاعد

[ رئيس الوزراء السابق بلير ]

لم يقتصر تأثيرهم على الحياة السياسية خلال فترة توليهم المناصب، فبعد وقت قصير من مغادرتهم مناصبهم الرسمية يبدؤون تحركات ذات تأثير واضح، يقدمون الاستشارات والمحاضرات، ويلعبون أدوار الوساطة.
إنهم السياسيون السابقون في أمريكا وأوروبا الذين ما زالوا مؤثرين في الحياة السياسية بعد خروجهم من السلطة، يؤدون دورًا هامًا في تشكيل سياسات بلادهم، وسياسات خارجية، وذلك من خلال مؤسسات وشخصيات تقدم استشارات أو مراكز أبحاث، لذلك يبقون مؤثرين في صناعة السياسات بشكل أو بآخر.
لتسليط الضوء على مدى تأثير شخصيات أوروبية وأمريكية على الوضع السياسي، يستعرض تقرير “ساسة بوست” التالي خمسة نماذج لهؤلاء:
 
توني بلير
 
 
بعد تنحيه عن رئاسة الوزراء البريطانية عام 2007، سارع توني بلير لبناء إمبراطورية سياسية تجارية تتشعب في جميع أنحاء العالم، انطلق من مجموع شركات خاصة به أو بأقاربه أو تعامل معها، كشركة  “توني بلير وشركاه”، “ويند رش” و”فايررش”، “مؤسّسة الإيمان” الخيريّة، مؤسّسة “مبادرة الحكم في أفريقيا”، “مؤسسة شيري بلير للمرأة”.
 
أخذ بلير يوظف خبراته وعلاقاته لخدمة أهل السياسة والمال معًا، وبهدف تحقيق مصالح مالية شخصية، قدم الاستشارات مقابل المال في فيتنام، والبيرو، وكولومبيا، والبرازيل، وبورما، وجنوب السودان، ومنغوليا، وسيراليون، ورواندا، وليبيريا وغينيا، وأيضًا لحكومات وجهات رسمية في دول عربية منها مصر، والإمارات، والكويت، والسعودية.
 
ويعد أحد أبرز الأدوار التي يؤديها بلير الآن هي شراكته مع الإمارات كوسيط سياسي وتجاري في الشرق الأوسط، إذ كشف تقرير صحيفة “فاينانشيال تايمز” أن “توني بلير أصبح وسيطا سياسيا وتجاريا، يعمل خلف الكواليس بين حكومة الإمارات ودول العالم، وهو من المقربين لولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد، الذي يشاطره انتقاده الصارخ للجماعات الإسلامية”، وتشير مصادر إعلامية إلى أن الحكومة الإماراتية استعانت ببلير وكلفته باختيار مجموعة من الخبراء لكتابة تقرير عن تنظيم الإخوان المسلمين بعدما أدركت حكومة الإمارات أن الحكومة البريطانية لن تلبي ما تريد من حظر لتنظيم “الإخوان المسلمين”.
 
وأشارت مصادر صحيفة بدورها إلى أن بلير قد وافق على تقديم الاستشارة لنظام السيسي في مصر، “وسيقوم بلير بمهمة المستشار ضمن برنامج تدعمه الإمارات العربية المتحدة التي تقف وراء الانقلاب ودعمته إلى جانب السعودية والكويت بمليارات الدولارات”، حسب المحلل السياسي في صحيفة “الغارديان” شيموس ميلين، ويؤمن بلير بأنه يجب على الغرب تأييد الحكومات في دول الخليج لأنها “دول حليفة للغرب تعمل على نشر مبادئ التسامح الديني والاقتصاد المنفتح”.
 
أما عن أعماله في الصين، فحسب صحيفة “تليجراف” البريطانية “بلير يعمل وسيطًا بين الإمارات والصين سرًّا، وقام بتسهيل المحادثات بين الرئيس التنفيذي لشركة أمريكية للكيماويات وسلسلة من الشخصيات الحكومية والتجارية الصينية”، وتعتبر الصحيفة أن “الدور الذي يضطلع به بلير يبرز أهميته في واحد من أهم مجالات التعاون الاقتصادي العالمي هذا القرن، بين إمارة منطقة الشرق الأوسط الأكثر ثراءً وذات أهمية إستراتيجية بالغة، وبين الصين القوة العظمى الناشئة”.
 
أما صحيفة (صنداي تلغراف) فكشفت أن بلير “وسَع إمبراطوريته الأفريقية إلى دولة جنوب السودان الغنية بالنفط، وأصبح مستشارًا لحكومتها”. وقالت الصحيفة إن مؤسسة بلير الخيرية “مبادرة الحكم في أفريقيا” أصبح لديها مكاتب في الإدارات الرئاسية في سيراليون ورواندا وليبيريا وغينيا وجنوب السودان، وسلطت الصحيفة الضوء على دور بلير في جنوب السودان، وقالت أن “إضافة بلير، الذي يشغل حاليًا منصب مبعوث اللجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الأوسط؛ جنوبَ السودان إلى محفظة اهتماماته سيمنحه تأثيرًا قويًّا على الدولة الأحدث في العالم التي تم الاعتراف بها رسميًا قبل 12 شهرًا فقط وبعد سنوات من الحرب الأهلية”.
 
جيمي كارتر
 
كان الديمقراطي “جيمي كارتر”، هو الرئيسَ التاسع والثلاثين للولايات المتحدة الأمريكية، غادر تلك الرئاسة عام 1981، ولحرصه على المشاركة في السياسات الدولية ضمن إطار مؤسساتي، أسس في العام التالي لتركه المنصب الرئاسي “مركز كارتر الرئاسي”، وهو منظمة أمريكية غير حكومية تهدف إلى “المساعدة على تحسين نوعية الحياة للناس في أكثر من 70 بلدًا”، وتعمل على الاهتمام بحقوق الإنسان والوساطة السياسية، وشاركه في تأسيس هذا المركز زوجته “روزالين سميث كارتر”، وعدد من رجال الأعمال، ومسئولون حكوميون.
 
عدة مهام سياسية أداها كارتر بعد انتهاء فترة رئاسته، فهو يؤمن أن “الوساطة قد تساعد في حل أي صراع سواء كان بين بلدين أو شخصين”، لذلك تولى مسئولية مفاوضات نزع السلاح النووي مع كوريا الشمالية عام 1994، وحاز على جائزة نوبل للسلام عام 2002، لجهده في التوصل إلى حلول في الصراعات الدولية واحترام حقوق الإنسان.
 
وفي عام 2006 حضر كارتر عملية الانتخابات الفلسطينية بصفته مراقبًا دوليًّا، واعتبرها انتخابات نزيهة رغم تحفظه على  وصول حركة حماس للسلطة، وفي وقت لاحق اضطر كارتر إلى عقد العديد من اللقاءات مع قادة حماس، كخالد مشعل وإسماعيل هنية، وزار قطاع غزة أكثر من مرة خلال السنوات الماضية.
 
اليوم يؤدي كارتر دورًا على الساحة  الأكثر نزاعًا في العالم “سوريا”، إذ قام بتزويد روسيا خرائط  حول مواقع تواجد عناصر تنظيم “داعش”، وذلك بهدف “زيادة دقة الغارات الروسية”، تنقل وسائل إعلام أمريكية عن كارتر قوله “بعثت رسالة إلى بوتين يوم الخميس وسألته ما إذا كان يريد نسخة من خريطتنا (الخريطة التي أعدها مركز كارتر للدراسات)، لكي يتمكن من زيادة دقة القصف على سوريا، وفي يوم الجمعة اتصلت بي السفارة الروسية في واشنطن وأبلغتني برغبة الجانب الروسي في الحصول على مثل هذه الخريطة”.
 
لكن يبدو أن المرض سيحد من مشاركة كارتر في الشئون السياسية على المستوى الدولي، إذ كشف السياسي البالغ90 عامًا عن إصابته بالسرطان في أغسطس الماضي، وقال أن وضعه حرج بعد انتشار المرض في أكثر من مكان من جسده.
 
بيل كلينتون
 
 
فضل الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون الذي يوصف بأنه “أكثر السياسيين الاجتماعيين والموهوبين في جيله” توظيف شعبيته العالمية وخبرته السياسية لكسب ثروة شخصية من الخطب الأجنبية في مجال الاقتصاد والسياسة، أخذ يحاضر في الصين واليابان وكندا والمملكة المتحدة منذ انتهاء ولايته.
 
يعمل كلينتون الآن لصالح شركات ومؤسسات كبرى في جميع أنحاء العالم، إذ قال في عام 2012 “أن هذه الخطب تجعلني أشعر وكأنني رئيس مرة أخرى“، وفي أسبوع واحد (مايو2012 ) جمع كلينتون مقابل محاضرات ألقاها أمام مديرين تنفيذيين لشركات، وكبار رجال الأعمال والسياسيين في السويد، وسويسرا، والدنمارك، والنمسا؛ أجرًا قدره1.4  مليون دولار. وحسب صحيفة “واشنطن بوست” :”بيل كلينتون وعلى غير العادة فقد كان مورد رزقه الأول من الخطب التي يلقيها. وكان أكثر عام ازدحامًا على الإطلاق سنة 2012، عندما أعطى72  خطبة مدفوعة ليكسب منها16.3  مليون دولار“.
 
ورغم أن غالبية المداخلات التي قدمها كلينتون تُعنى بالقطاع المالي، وتنظمها مؤسسة “كلينتون الخيرية” التي يمتلكها الرئيس وزوجته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلنتون، إلا أن كلينتون يتحدث عن قضايا سياسية عامة على المستوى المحلي والدولي، وهو يربط تصريحاته مع مصالح رجال الأعمال الذين يرعونه، فعلى سبيل المثال ألقى كلينتون عام 2013 كلمة في حفل عيد الميلاد التسعين للرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز، فحصل على أجر 500 ألف دولار من الصندوق القومي اليهودي، واكتشاف هذا الأمر آنذاك دفع كلينتون للتبرع بالمبلغ إلى مؤسسة خيرية إسرائيلية بعد أن كان من المفترض أن تتسلمه مؤسسته.
ويعد أخطر ما كُشف عن دور كلينتون في السياسية الخارجية بعد انتهاء ولايته، هي قضية حصول مؤسسة “كلينتون الخيرية”على مبالغ مالية من شركة سويدية، وذلك نظير تسهيل السماح للشركة السويدية بالتعامل مع إيران وعدم تعرضها للعقوبات الأمريكية المفروضة بسبب النووي الإيراني، إذ كشفت صحيفة “واشنطن تايمز” أن المؤسسة “حصلت على مائتي مليون كرونة سويدية من شركة “إريكسون” في مقابل عدم فرض عقوبات على التعاملات التي تجريها الشركة مع النظام الإيراني”. وأشارت الصحيفة إلى أن “الشركة السويدية منحت المبالغ المالية إلى المؤسسة على شكل منح لمكافحة مرض الإيدز ومكافحة التغير المناخي، والحد من انتشار الوباء في هاييتي”، وقد حصل كلينتون على 750 ألف دولار مقابل إلقاء كلمة في مؤتمر نظمته شركة إريكسون في هونج كونج.
أما في حملة زوجته الانتخابية، فأشارت مصادر أمريكية إلى أن كلنيتون هو المسؤول عن الحملة الانتخابية لزوجته.
 
نيكولا ساركوزي
رغم انتهاء ولاية الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عام2012  إلا أنه ما زال مؤثرًا في سياسة بلاده والسياسات الخارجية، تارة ينبش الماضي الاستعماري الفرنسي للجزائر فيحدث أزمة سياسية، وتارة يزور تونس للتضامن معها بعد حادث مدينة سوسة فيقابله التونسيون بغير ترحاب. ويعتقد الكثيرون أن ساركوزي يعمل جاهدًا على تثبيت أقدامه من أجل إعادة الترشح لرئاسة بلاده مرة أخرى.
 
لقد ضرب ساركوزي بموقف فرنسا المعارض للنظام السوري والتدخل الروسي عرض الحائط، وقام في أكتوبر الماضي بزيارة غير رسمية إلى الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” حيث بدا كأنه يعرقل السياسة الخارجية لبلاده كما يقول المحللون، فالرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند كان يرى أنه “لا دور للأسد في انتقال سياسي مستقبلي”، بينما يرى ساركوزي أن “الحكومة السورية يجب أن تشارك في العملية السياسية في البلاد، وروسيا هي الشريك المطلوب لإيجاد حل للأزمة السورية”.
 
أما القضية الأبرز إثارة للجدل لساركوزي، فهي دعوته في سبتمبر الماضي إلى إعادة النظر في اتفاقيات وقعتها فرنسا مع الجزائر قبل نصف قرن، إذ قال “يجب إعادة النظر في كل الاتفاقيات التي جرت بين الجزائر وفرنسا عام 1962. لقد مضى وقت طويل”. ويرجع المحللون تصريح ساركوزي هذا إلى رغبته في خوض سباق الرئاسة عام 2017، إذ يلعب على ملفي الهجرة والإسلام كي يكسب أصواتًا فرنسية يمينية.
 
هنري كيسنجر
رغم مرور أكثر من أربعة عقود على تقاعده، ما زال وزير الخارجية الأمريكي الأشهر “هنري كيسنجر” أحد أبرز السياسيين الأميركيين المؤثرين في السياسة الأمريكية والدولية. لم يُرِدْ كيسنجر أن يقتصر على تشكيل معظم السياسات الأميركية الخارجية في سبعينيات القرن الماضي، بل استمر يعطي الكثير والكثير للعمل السياسي. ورغم أن كسينجر لم يعرف عنه تأسيس مؤسسة خاصة إلا أنه يقدم الاستشارات ويكتب المقالات لعدد من الصحف ومراكز الأبحاث المرموقة.
 
داخليًا، اعتبر كيسنجر أن بلاده أزعجت حلفاءها عبر إبرام الاتفاق النووي مع إيران، معتبرًا أن ذلك “فُسر على نطاق واسع بأنه قبول أميركي ضمني للهيمنة الإيرانية في الشرق الأوسط السني”.
وتعد مرحلة إصدار كيسنجر لكتاب مثير للجدل (النظام العالمي) مرحلة هامة، إذ عرض فيه وجهة النظر الأميركية في بناء نظام دولي مشترك في القرن الحادي والعشرين، وذلك في ظل توجهات تاريخية متباينة وصراعات عنيفة، يقول كيسنجر “إن ليبيا في حالة حرب أهلية، وجيوش الأصوليين “الإسلاميين” تبني خلافة معلنة عبر سورية والعراق، والديمقراطية الشابة في أفغانستان على وشك الشلل، يضاف إلى هذه المشكلات تجدد التوتر مع روسيا، وإقامة علاقات مع الصين، ممزقة بين تعهدات بالتعاون وتبادل علني للاتهامات”.
 
وفي طرح رؤيته للوضع في سوريا يقول كيسنجر “الدول الكبرى اكتشفت، أخيرًا، أنّ النزاع في سورية لم يعد متعلقًا بخلع الأسد، فاللاعبون الأصليون، سوريًا وإقليميًا، تعاملوا مع الحرب باعتبارها لعبة لتحقيق النصر وليس الديمقراطية. إذ كانوا مهتمين بالديمقراطية طالما أنها تنتهي بتنصيب الجماعة التي يدعمونها، ولذا وجدناها لا تقبل نظامًا يفرض التحكم في جماعتها”.
وهو يرى أن هناك “أولوية قصوى في القضاء على داعش  -العنيد والمعادي للنظام العالمي -، وأن التدخل الروسي ربما يساعد في إعادة تشكيل النظام في الشرق الأوسط، الذي كانت الولايات المتحدة يومًا ما تهيمن عليه بالكامل”، وتابع القول “تدمير داعش أكثر إلحاحًا من الإطاحة ببشار الأسد، ربما توظف داعش جهود الجيش الأميركي الحالية غير المقنعة لمصلحتها الشخصية، كالقوة التي وقفت في وجه عظمة أميركا”، حسب ما جاء في صحيفة “وول-ستريت”.
 
أما عن التدخل الروسي، فهو يرى أن روسيا لن تلتزم بـ”سياسة إيران الرامية إلى الحفاظ على عناصر الشيعة في سورية”، وقال أن “روسيا دخلت فقط إلى الفراغ الذي خلفته السياسات الأميركية المتعارضة والفوضوية، وأن التدخل الروسي في سورية تحركه مخاوف جيوسياسية أكثر من كونها أيديولوجية”، معتبرًا أن “إيران قوة إمبريالية تسعى إلى زيادة نفوذها من خلال دعم نظام الأسد في دمشق، وكذلك هو حال الجهات الناشطة الأخرى مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن”.


التعليقات